الكثير من الناس لا ينتبه وهو يسعى للنجاح والتفوق والسعادة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي الصورة التي ينظر بها أحدنا إلى نفسه.. دعوني أوضح الأمر أكثر: كل واحد منا لدية صورة ذاتية عن نفسه ربما تكون هذه الصورة ناصعة، مضيئة، متألقة، وربما تكون عكس ذلك كئيبة، مظلمة، بائسة، وبالتالي يتأثر كل شيء في حياة الإنسان بسبب هذه الصورة.
فإن كانت الصورة إيجابية فإن كل نواحي الحياة الأخرى لدى هذا الإنسان سوف تكون على خير ما يرام من النجاح والسعادة والعافية والعلاقات الرائعة والحب والاحترام إلى آخره من المعاني الإيجابية، وإن كانت صورة الذات سلبية فسوف تكون حياة الإنسان بطبيعة الحال على أسوء حال من قلق وهم وحزن ومرض وفشل وبغض وعلاقات سيئة وغير ذلك من المعاني السلبية.
كثيرا ما نشكو من الهموم التي تثقل كاهلنا، والحزن الذي يهد صحتنا، والفشل الذي يقوض كل معاني الحياة الجميلة في نفوسنا، والصعوبات التي تكاد تلازم كل شيء في حياتنا، وننسى أن هناك شيئا مهما -بعد توفيق الله – لو أصلحناه واعتنينا به لغير الهموم إلى أهداف قابلة للتحقق، والحزن إلى سعادة وسرور، والفشل إلى فرصة للتعلم، والصعوبات إلى تحديات يمكن التغلب عليها.
يوجد استبيان في نهاية هذا المقال أرجو أن يساعدك على معرفة مستوى النظرة الدونية للذات لديك.
أمثلة من واقع الحياة:
كما يقال، بالمثال يتضح المقال (مع ملاحظة أن الأسماء افتراضية وليست لأشخاص حقيقيين)
حسام.. طالب جامعي صورته الذاتية أنه غير محبوب من أصدقائه، وغير مقدر من معلميه، لا يستوعب دروسه جيدا، وبالتالي فإن نتائجه متدنية بسبب أنه ليس ذكيا بما فيه الكفاية، فمهما ذاكر واجتهد فلن يحقق الدرجات التي يصبو إليها..
ما رأيكم.. كيف ستكون نظرة حسام لنفسه، نظرة فيها تقدير للذات.. أم نظرة سلبية.. نظرة احترام للذات أم نظرة تحقير ودونية؟ نظرة تفاؤل وأمل.. أم نظرة تشاؤم ويأس؟
بطبيعة الحال ستكون النظرة السلبية بكل مواصفاتها هي الغالبة والمنتصرة.
نبيلة.. الصورة الذاتية التي تحملها لنفسها أنها بدينة من الذي سيحب الاقتران بها، ومن تلك التي ستقبل بصداقتها، ترى نفسها دائما لا أحد يحبها وهي مع ذلك لا تصلح لإنجاز أي أمر، غالبا ما تفشل في إنجاز المهام الموكلة إليها.
كيف ستكون نظرة نبيلة لنفسها؟ نظرة حب وتقدير.. أم نظرة كره وازدراء؟ نظرة إنجاز للعمل.. أم نظرة عجز وفشل؟
طبعا ستكون النظرة غاية في السلبية والانهزامية.
للتخلص من النظرة الدونية للذات أطلع على هذا الفيديو
مواصفات صاحب النظرة الدونية للذات:
عادة تتوافر لدى الناس الذين لديهم نظرة دونية لذواتهم بعض الصفات من أهمها ما يلي:
- ضعف في تقبل ذواتهم وتقبل الآخرين
- غالبا لا يظهرون التعاطف والرحمة للآخرين
- لديهم إحساس ضعيف بأن لهم أدوار في الحياة
- شعورهم باللحظات السعيدة الغامرة قليل وقد يكون نادراً
- تقل لديهم النواحي الإبداعية
- لديهم ضعف إدراك وضعف وعي بالواقع المحيط بهم
- تقديرهم للخير والنعم المحيطة بهم ضعيف
- غالبا يتمتعون بعلاقات سطحية وغير هادفة
“لا يهم نظرة الناس إليك بقدر نظرتك إلى نفسك”
المخاوف التي تنتابهم:
غالبا الناس الذين لديهم تدني في تقدير ذواتهم لا يستطيعون مواجهة مخاوفهم التي تتمثل غالبا فيما يلي:
- يخافون من مقابلة الجمهور.
- لديهم خوف مفرط من تحمل المسؤولية.
- يخافون من التغيير سواء المكاني أو على مستوى التطوير الشخصي.
- ينشدون بشدة مديح الآخرين لهم ويخافون من الرفض.
إليك مقال كيف نواجه مخاوفنا؟ سيضيف لمعلوماتك الكثير حول كيف نتخلص من مخاوفنا..
يقول الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله:
“إن لي نفسا تواقة؛ تاقت إلى الإمارة حتى نلتها ثم تاقت إلى الخلافة حتى نلتها ثم تاقت إلى الجنة”
المستويات التي تتشكل من خلالها النظرة الدونية:
تتشكل النظرة الدونية من خلال ثلاثة مستويات أو يمكن أن نقول ثلاث مراحل:
1- مستوى الفكر:
تتشكل النظرة الدونية للذات بداية على المستوى الفكري فتأتي الأفكار السلبية وتتشكل الخواطر المقلقة.
2- مستوى الحديث مع النفس:
تنتقل بعد ذلك إلى حديث داخلي مع النفس أو ما يسمى بالدراما التي تغمر صاحبها بجوانب الفشل التي وقع فيها وتضخم له ذلك عن طريق الحديث السلبي المستمر.
3- مستوى السلوك:
تنتقل بعد ذلك إلى مستوى الفعل أو السلوك حيث تتشكل بعض التصرفات التي تدل على نظرة الإنسان الدونية لذاته من خلال لغة جسد بائسة وتصرفات موغلة في الانهزامية.
نعود إلى أحد الأمثلة التي ضربناها أعلاه وليكن حسام.. كيف تشكلت النظرة الدونية لدى حسام من خلال المستويات المذكورة؟

العوامل التي تشكل النظرة الدونية للذات:
للإجابة على هذا السؤال دعوني أذكر بعض العوامل التي قد يكون لها دور في تشكل نظرة الإنسان لنفسه، والتي منها:
- الأسرة بما فيها الوالدين.
- المدرسة.
- البيئة.
- المجتمع.
- الصحبة.
- الوعي الذاتي لدى الشخص.
كل هذه العوامل تساهم في تشكل نظرة الإنسان لذاته، فإن كانت مساهمة هذه العوامل إيجابية كانت نظرة الإنسان لنفسه إيجابية وبناءة وكلما كانت هذه العوامل هدامة كانت النظرة سلبية أعمق وأقوى.
والآن ..نعود إلى مثال حسام الذي نشا في أسرة اعتادت على كبت أبنائها والانتقاص من أعمالهم ونعتهم دائما بالأوصاف السيئة وربما في المدرسة لا يوجد التحفيز والتشجيع المناسبين فيبدأ حسام بالتفكير بأنه شخص غير محبوب وأن طالب غبي لا يستوعب بما في الكفاية وتتغلل هذه الأفكار رويدا رويدا لتصبح حديث داخلي شبه دائم وربما يؤرقه ذلك حتى في نومه أو ما يسمى بالدراما التي تسيطر عليه كحوار داخلي سلبي الذي يتحول مع الوقت إلى سلوك متمثل في خجل مفرط وانعزالية وربما يؤدي ذلك إلى اكتئاب ووساوس مرضية إلى آخرة من المشكلات التي قد تنجم عن النظرة الدونية للذات.
إذن.. كيف نعمل لنتخلص من النظرة الدونية للذات؟
إليك وصفة من 7 نصائح لتحسين نظرتك لذاتك ذكرتها المؤلفة جيل لندنفيلد في كتابها الثقة الفائقة أوردها بتصرف واختصار:
1- دائما غير الطريقة التي تتحدث بها عن نفسك:
كف عن التقليل من شأن نفسك عندما تتحدث عنها، فلا تقل: أنا دائما لا أحسن كذا …وقل بدلا من ذلك: أستطيع أن أقوم بكذا ….

2- ابدأ في مكافأة ذاتك:
كافئ نفسك بين الفينة والأخرى ببراد شاي منعش أو نزهة في البرية.
3- اعتن بجسدك:
اعتن بجسدك لأن العناية بالجسد هي إحدى الطرق الأساسية في إقناع ذاتك بقيمتك كشخص.
لذا راجع أساليبك فيما يخص العلاقة ب:
نظام الغذاء ومدى جودة وفائدة الأطعمة التي تتناولها.
النوم وهل تأخذ كفايتك منه بشكل يومي.
التدريب وهل جسدك صحيا ولائقا.
الضغط وهل جسدك يعاني من ضغط معين في مكان ما.
4- احترم مشاعرك:
لا تكبت مشاعرك، بل ابحث عن السبل المناسبة للتعبير عنها لأن المشاعر المكبوتة تستنفذ طاقتنا وتعد عنصرا رئيسيا في حدوث المشكلات الجسدية والانفعالية.
5- غير أسلوب حياتك:
قم بعمل التغييرات والتي سوف تتضمن على سبيل المثال أن:
- يكون بإمكانك أن تحيا وفقا لقيمك قدر المستطاع.
- تحافظ على التوازن الصحيح بين العمل والمرح.
- يكون لديك المجال بأن تتغير وتتطور.
6- اظهر في أحسن حال:
معظم الناس يغيرون مظهرهم بطريقة ما بعد أن يقوموا بالتدريب على بناء الثقة وقد يكون ذلك تغييرا طفيفا مثل تسريحة جديدة أو تغيير المكياج أو قد يكون تحولا مذهلاً مثل تغيير أسلوب الزي تغييرا جذرياً.
على كل حال.. حاول إيجاد أسلوب تريده يساعدك على الاسترخاء والشعور بالارتياح الذي يعكس ذاتك الحقيقية.
7- اسمح بان يعتنى بك من وقت لآخر:
ربما تنتقص من قدر إنجازاتك وجهودك بشكل يجعلك تعتقد أنك لا تستحق أن يعتنى بك أو أن رأيك في ذاتك متواضع إلى الدرجة التي تعتقد فيها أن أحداً من الناس سوف يختار بحرية أن يعتني بك دون إجبار من أحد.
ختاما:
إذن.. علينا أن نولي أنفسنا مزيد من الاحترام والتقدير إذا أردنا أن يكتب لنا النجاح والتفوق وأن نتخلص من المواصفات التي تشير إلى النظرة الدونية لذواتنا وأن نعالج المخاوف التي ربما تنتج عن النظرة الدونية للذات، وللمساعدة في التخلص من مؤشرات النظرة الدونية للذات علينا اتباع النصائح المهمة المذكورة أعلاه بالإضافة إلى تبني لغة جسد تشعر بالقوة والثقة والتخلص من وضعيات الضعف والانهزامية.
تذكر المقولة:
“لا يهم نظرة الناس إليك بقدر نظرتك إلى نفسك” فلتحظ نفسك منك بكل احترام وتقدير وتحفيز فإن أثر ذلك أقوى مما في أيدى الناس من احترام، فبدل أن تستجدي الشكروالتقدير والثناء من الناس امنحه أنت لنفسك وستشاهد الفرق.
تستطيع التعرف على نوعية نظرتك لنفسك من خلال هذا الاستبيان
أرجو لك تجربة ممتعة.