كيف نطبق تصنيف بلوم لتحسين ممارساتنا التدريسية

كيف نطبق تصنيف بلوم لتحسين التدريس

شارك هذا المقال

لماذا يفشل الكثير من طلابنا وطالباتنا في إحراز مستويات عالية في اختبار القدرات والاختبارات الدولية.

 لماذا يتفوق بعض المعلمين في زيادة مستوى التحصيل الدراسي لطلابهم بينما يفشل البعض الآخر في معرفة كيف يطبق تصنيف بلوم لتحسين ممارساتهم التدريسية؟ 

وهل فكرنا يوما في طريقه تعلمنا وانتقالنا من تعلم الحروف والأعداد في صغرنا إلى فك طلاسم المعادلات الرياضية وتذوق النصوص الأدبية في المرحلة الثانوية والجامعية ثم إتقان المهارات الحياتية والتنظيمية في كبرنا؟

 تعالوا بنا نتعرف على واحد من أهم أسرار التعلم وأكثرها تأثيرا في جودة تدريسنا وفي المستوى التحصيلي لطلابنا.

 تتعلم عقولنا تدريجيا من المفاهيم البسيطة إلى المفاهيمي المعقدة

ويعتمد هذا التعلم على بناء اللبنات واحده فوق الأخرى إلى أن تتشكل المعرفة ومن هنا تأتي أهمية تصنيف بلوم للأهداف التعليمية.

 صمم هذا التصنيف لقياس التطور المعرفي للطلاب من خلال إنشاء هرم بلوم لتتبع عملية فهم الطلاب والذي من خلاله ندرك فرضية مهمة وهي: 

إذا كنت لا تستطيع تذكر مفهوم ما فأنت لا يمكنك فهمه، وإذا كنت لا تستطيع فهم الشيء فأنت لا يمكنك تطبيقه. 

من خلال هذا المقال سنعرف كيف نطبق تصنيف بلوم لتحسين ممارساتنا التدريسية

 نبذه عن العالم بلوم:

 يعد الدكتور بلوم خبير أكاديمي تربوي أمريكي بدأ بإنشاء وتطوير تصنيفه للأهداف التعليمية عام 1956مع مجموعة من العلماء.

 كان الهدف من هذا العمل تطوير نظام من أجل المساعدة في تصميم وتقييم التعلم التربوي.

 ينقسم تصنيف الأهداف التعليمية(السلوكية) إلى ثلاث مجالات:

 المجال الأول/ هو المجال المعرفي القدرة الفكرية المعرفة (التفكير)

 المجال الثاني/ في المجال العاطفي أو الوجداني وهو ما يتعلق بالمشاعر والعواطف والسلوك (الشعور)

 المجال الثالث/ المجال النفس حركي المهارات اليدوية والحسية – المهارات (الفعل)

وهو ما كنا نعبر عنه في إعدادنا للدروس بالأهداف المعرفية، والوجدانية، والنفس حركية. 

سنركز هنا على المجال الأول (المجال المعرفي) كونه الأشهر والأسهل تطبيقا على المعلمين ويشمل كثير من النواحي المعرفية المتعلقة بالمجالات الأخرى.

تصنيف بلوم للأهداف التعليمية
تصنيف بلوم للأهداف التعليمية

يتكون هذا المجال (المجال المعرفي) من ستة مستويات يعتمد بعضها على بعض على النحو التالي:

  1. مستوى المعرفة: ويتم فيه تذكر الحقائق والنظريات واسترجاع المعلومات التي سبق تعلمها.
  2. مستوى الفهم: ويعني فهم الموضوعات والأفكار والنظريات التي تعطى للمتعلم.
  3. مستوى التطبيق: يستطيع المتعلم استعمال المعرفة المتعلمة في مواقف وأوضاع جديدة.
  4. مستوى التحليل: تقسيم المادة التي تم تعلمها إلى عناصرها المكونة لها.
  5. مستوى التقويم: تقدير قيمة الأشياء وإصدار حكم والدفاع عن قضية ما.
  6. مستوى التركيب: تجميع عناصر شيء ما بصورة جديدة كتركيب الجمل وكتابة الفقرات.

قواعد عامة تحكم هذا التصنيف:

  • يعتمد هذا التصنيف على فرضية الترتيب من الأسفل إلى الأعلى حسب درجة الصعوبة.
  • يجب إتقان الفئة الأقل قبل الصعود الى الفئة الأعلى في الهرم.
  • كل ما صعدنا إلى الأعلى في الهرم كلما زادت جودة التعليم وزادت القدرة على تفعيل قدرات التفكير العليا لدى الطلاب وبذلك يكون التعلم نشطا.
  • كلما صعدنا في الهرم لأعلى كلما زادت صعوبة التدريس على المعلم وصعوبة الاستيعاب على الطالب خاصة في بداية الأمر.

في المقدمة ذكرت أن الكثير من أبنائنا الطلاب والطالبات يخفقون في تحقيق معدلات جيدة في اختبارات القدرات الاختبارات الدولية وهنا أود أن أوضح السبب:

 إذا تأملنا هرم بلوم للأهداف التعليمية سنجد أن تدريسنا يركز على المستويين الأول والثاني (التذكر والفهم.. كيف ذلك؟

تعال بنا ننظر إلى بعض الأسئلة التي نقيم بها الدروس بنهاية الدرس أو الوحدة لا تتعدى المستويين الأول والثاني، وكذلك أسئلة الاختبارات سواء القصيرة أو اختبارات أعمال السنة أو حتى النهائية.

 سنجد أنها لا تتعدى الأفعال من قبيل: عدد، اذكر، علل، عرف، حدد، وغير ذلك من أفعال مستويي التذكر والفهم.

 حتى وإن كانت الأسئلة موضوعية -وهو السائد في الوقت الراهن- إلى أنها لا تخرج في مضمونها عن تلك الأفعال. بينما لو تأملنا الصورة أدناه لعينة من أسئلة اختبار القدرات لوجدنا أنها عبارة عن مقارنة واستنتاج أي ضمن مستويات التفكير العليا (هذا على سبيل المثال فقط)

وهذا أحد أهم أسباب إخفاق طلابنا في تلك الاختبارات وضعف تحصيلهم الدراسي. 

مثال حول نوعية اسئلة اختبارات القدرات
مثال حول نوعية اسئلة اختبارات القدرات

ربما يرغب البعض في تطبيق عملي على درس واقعي..

إليكم هذا المثال البسيط حتى يتضح لنا مدى السهولة التي تصاحب هذا التصنيف..

سنضرب مثال لكل مستوى من مستويات تصنيف بلوم من خلال درس محدد.

لنفترض أن الدرس عن الليمون:

  1. مستوى المعرفة: أن يذكر الطالب الاسم والشكل واللون والطعم لفاكهة الليمون.
  2. مستوى الفهم: أن يفهم أنه عندما يكون الليمون أصفر يكون ناضجا ويمكن تناوله وإذا أخذنا منه قضمه وجدناه حامضا وانها تحتوي على فيتامينc.
  3. مستوى التطبيق: يطبق الطالب ما فهمه عن الليمون من أنه حامض ومصدر رائع لفيتامين c وبالتالي يطبق هذه المعرفة بطريقة ذات معنى مثل: يمكننا غلي الليمون في الماء الساخن وتقديمه لمريض الحلق
  4. مستوى التحليل: يربط الطالب الأجزاء بعضها ببعض فيدرس بنية الليمون ويفحص قشرتها ويقدر كمية الفيتامينات في الحبة الواحد وأنها يمكن أن تؤكل أم لا.
  5. مستوى التقويم: يقيم الطالب الليمون كمصدر للفيتامينات مقارنة بمصادر أخرى كالبرتقال والمكملات الغذائية من حيث مستوى فيتامين.
  6. مستوى التركيب: يعمل الطالب وصفة عصير الليمون الخاصة به أو يستخدم قشر الليمون لعلاجات أخرى

 لتتعرف أكثر على التدريس اقرأ مقالي حول “المصطلحات الثلاثة: التعلم والتعليم والتدريس”

والسؤال الآن كيف أعرف مدى تحقق أهداف الدرس؟

إليكم المستويات الستة مرة أخرى وأمام كل مستوى طريقة قياس تحقق كل هدف بطرح سؤال:

في مستوى التذكر: يمكن أن نسأل الطالب: أذكر طعم الليمون؟

أما في مستوى الفهم: ما ذا يعني عندما يكون الليمون أصفر؟

وكذلك الحال في مستوى التطبيق: كيف نستفيد من الليمون في علاج بعض الأمراض؟

أما التحليل: قارن بين مكونات الليمون من حيث الفوائد؟

ويمكن التقويم: قيم فيتامين c الموجود في الليمون مقارنة مع البرتقال؟

وأخيرا في التركيب: ركب وصفة العصير المكونة من الليمون الخاصة بك؟

أعتقد أنكم تتفقون معي.. أنه بعد هذا الدرس التطبيقي عن الليمون وتقديمه بهذه الطريقة سيكون استيعاب الطلاب له متميزا..

أفكار مساعدة لنعرف كيف نطبق تصنيف بلوم لتحسين ممارساتنا التدريسية:

 1- يمكن من خلال هذا التصنيف التعرف على الطلاب من خلال النقاط التالية:

  •   ما أنواع الأسئلة التي يتفاعل معها الطلاب؟
  •  وما هي المشاريع والأنشطة التي يحبونها؟
  •  وما مدى حبهم للمشاركة خلال الدرس؟

2- يمكن طرح أسئلة من مستويات متفرقة لمعرفة المعلومات التي لدى الطلاب.

 من المؤكد أنه سيقل تفاعل الطلاب مع الأسئلة كلما صعدنا في الهرم إلى أعلى، لا بأس في ذلك، مع الوقت سيعتاد الطلاب الوضع ويصبح أكثر سهولة عليهم.

3- بالإمكان تحديد الأهداف المعرفية لدرسك والأخذ بعين الاعتبار ما يلي:

  • هل هذا الدرس يحتاج قبل تقديمه للطلاب إلى بعض الأساسيات
  • وهل توجد مهارة قبل هذا الدرس لابد من إتقانها
  • وأيضا هل هناك مفاهيم يحتاج الطلاب إلى تعلمها مستقبلا

4- اجعل أسئلتك مبعثره خلال الدرس بحيث تبدأ في البداية بطرح أسئلة في المستوى الأول ثم تنتقل إلى المستوى الثاني وهكذا بحيث بنهاية الدرس تكون قد وصلت إلى المستويات الأعلى ولا تؤخر الأسئلة إلى نهاية الدرس كما يفعل البعض.

5- استفد من أسئلة التقييم في نهاية كل درس لتحقق أهدافك والتي هي مبنية في الأساس على تصنيف بلوم والتي تشمل معظم المستويات أو كلها

6- اجعل أسئلة الاختبارات القصيرة واختبارات أعمال السنة على غرار الأسئلة التي تخدم المستويات الستة (قدر الإمكان) حتى يعتاد طلابك على مثل هذه الأسئلة والتي غالبا هي من نوعية الأسئلة التي ترد في اختبارات القدرات والاختبارات الدولية.

 بطبيعة الحال هذه الأسئلة هي التي تستثير مهارات التفكير لدى الطلاب وخاصة مهارات التفكير العليا وبالتالي فهي تنمي مهارات التفكير الناقد.

في بعض مناهجنا تُذيل الدروس ببعض المسائل التي تنمي مهارات التفكير العليا والتي تعرفنا كيف نطبق تصنيف بلوم لتحسين ممارساتنا التدريسية والتي غالبا لا يُلتفت إليها ولا يعيرها البعض أي اهتمام.

الصورة أدناه ملتقطة من أحد تلك المناهج:

مثال على احتواء المناهج مهارات التفكير العليا
مثال على احتواء المناهج مهارات التفكير العليا

ختاما.. فإن دور المعلم يكمن في مساعدة المتعلمين وتنظيم فرص التعلم، وليس كما كان سائدا أن المعلم هو الذي يحدث التعلم من خلال حشو أذهان الطلاب بالمعلومات في ظل خمول الطالب دون أدنى دور فعلي في التعلم.

 تعتبر هذه الأداة من أفضل الأدوات التي نستطيع من خلالها إحداث هذه النقلة في التعلم أقصد من مرحلة حشو عقول التلاميذ بالمعلومات إلى مرحلة مساعدتهم وتيسير التعلم لهم.

شارك هذا المقال

اكتشف المزيد

جسر لندن
سفر ورحلات

يوم في مدينة Bournemouth البريطانية

FacebookTweetPinLinkedIn في يوم اكتست فيه السماء بالغيوم وجادت بهتان المطر الذي لا يكاد يبلل شيئاً ولا يترك أثراً مع نسمات خجلى من النسيم تهب من